اختارت لنفسها التعريف بـ" بنت الرسالة " فكانت ابنة بارة همها العمل من أجل هذه الرسالة ناضلت من أجلها.
وعاشت حياتها تحمل همها وتبلّغ دعوتها وتذود عن حياضها وتدعو الناس إليها ، إنها الدكتورة خديجة بنت عبد الماجد أستاذة الإدارة والتخطيط بكلية التربية للبنات بجدة.
والداعية العلم رحمها الله التي رحلت صباح الأربعاء 16 ربيع الأول 1425 هـ إلى الدار الآخرة ، بعد مكابدة لداء عضال .. رحلت صابرة محتسبة .. تاركة وراءها أجمل ذكرى لكل من عرفها ..
فمن هي الداعية : خديجة بنت عبد الماجد؟
نشأت خديجة ، أم عبد الرحمن على حب رسالة الإسلام الخالدة ، وترعرعت على هديها في بيت علم ودين وعلى يدي والدين كريمين.
ثم في كنف زوج عاضدها وساندها لإكمال مشوار العلم ، وشق طريق البحث العلمي مع تربية الأبناء ورعاية الأسرة ومحاضرات الدعوة ودروس العلم حتى ضربت مثالاً رائعاً للداعية التي لها في كل خير سهم ، وفي كل معروف سبق .
عرفتها مربيتها في الدعوة الدكتورة فاطمة نصيف ، بنتاً بارة وفية ، وتلميذة نجيبة متميزة .
عرفها طالبات كلية التربية وهي تشرح سياسة التعليم بالمملكة فتنمي في نفوسهن حب هذا الوطن المعطاء وتقدير رجالاته الذين صاغوا بسياسته التعليمية أروع معاني الحضارة والثبات على القيم والحفاظ على الهوية.
عرفتها زميلاتها في قسم التربية وعلم النفس أختاً ناصحة مخلصة .
عرفتها أسرة كلية التربية بجدة أكاديمية جادة ، وموظفة مخلصة ، وداعية نشطة .
عرفتها ساحات الدعوة في مدينة جدة همّة وقيادة ، وعقلية مخططة ، وداعية معطاءة ..
عرف صوتها الجهوري الغيور على الدين مصلى الكلية وقاعات الدرس ومدارس تحفيظ القرآن وقاعات الجمعيات والهيئات الخيرية .
عرفتها اللجان التأسيسية في الأقسام النسوية لعدد من المؤسسات والهيئات الخيرية وهي تخطط وتنظم ، وترسم المعالم الإدارية وتوزع فيها الأدوار والمسؤوليات .
عرف قلمها وفكرها قراء ساحات الشبكة العنكبوتية وهي تدفع شبهة أو تبرز معنى ، أو تشرح مبدأ.
وفي بيتها:
عرفها أبو عبد الرحمن زوجة عروباً ، وعرفها عبد الرحمن ( 11 سنة ) والرميثاء ( 16 سنة ) ودرة ( 13 سنة ) أماً رؤوماً وصديقة ودوداً .
كان عبد الرحمن ينزل الدرج أثناء صعود إحدى صديقات أمه عجلى لسماعها خبر الوفاة فإذا بذلك الصغير الذي تكلل وجهه سيماء الصلاح يشيح بوجهه ويتنحى جانباً في حياء وأدب وتقى يشي بجهود تربوية كبيرة كانت رحمها الله تتعاهده بها ، ودعوات صادقة كانت لا تفتأ تتذلل لربها داعية له بالصلاح والهداية .
وبعينين مغرورقتين بالدموع وقلب مكلوم راض بقضاء الله تهتف درة : " تعلمت أن سهام الليل لا تخطئ ، وإن أخطأت في الدنيا لا يمكن أن تخطئ في الآخرة.
ففي قيام الليل عندما خرج بها والدي إلى المستشفى دعوت ربي أن يجمعني بها ، ويشفيها من كل داء .. فلئن كانت قد توفيت ، ولم تعد إليّ فسيكون ما دعوت يوم نلقى الله .. رحمك الله يا أمي " ..
وتصافح " الرميثاء " المعزيات وتهمس في أذن صديقة والدتها قائلة : " لن ينقطع عمل أمي بوفاتها ، سأُدخل الليلة موضوعاً كانت تريد نشره على الإنترنت ، وسأكمل ما بدأته أمي " بنت الرسالة " باسم " بنت بنت الرسالة " ) .
ولا عجب فالرميثاء ترعرعت على كتاب الله وحفظته كاملاً وهي في العاشرة من عمرها .
وهناك في صدر المجلس تجلس امرأة مهيبة على وجهها مسحة حزن تتقبل العزاء في فلذة كبدها خديجة التي كانت أكثر ملازمة لها منذ وفاة والدها ..
تجلس ولسانها لا يفتأ حامداً الله على ما رأته من حسن الختام لابنتها التي قضت الساعات الأخيرة من حياتها لا تقول إلا : " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " حتى أسلمت روحها إلى بارئها باسمة الوجه متهللة .
تقول أم خديجة : " الحمدلله . لقد كانت خديجة سبّاقة لكل خير وها هي سبقتنا لخير ما عند الله .. أسأل الله أن يرحمها ويجزيها عني خيراً فقد كانت نعم الابنة البارة الوفية " .
رحمك الله يا أم عبد الرحمن ، رحمك الله يا بنت الرسالة ، رحمك الله أختنا خديجة بنت عبد الماجد ، ورفع قدرك في عليين مع الشهداء والصالحين ، فإنا والله لا نزكيك على الله ، ولكننا نحسبك كذلك ، ونشهد على جهادك وما رأينا من صبرك بما حل بجسدك من داء ، ونعرف يقيناً أن ذلك لن يضيع عند أرحم الراحمين .
فطوبى لك في قبرك خير جليس " العمل الصالح " ، ونسأل الله أن تكون طوبى قد صافحت سمعك بشارة من الله للمؤمنين : ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئاب ) الرعد : 29 .
الكاتب: فوز بنت عبداللطيف كردي
المصدر: موقع آسية